الأسماء والمسميات |
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد |
من هنا فقد عالج الإسلام ذلك الأمر بهدوءٍ وحكمةٍ ورؤيةٍ ، ودونما إفراطٍ أو تفريطٍ ، وما ذلك إلا لأن دين الإسلام يهدف ضمن أهدافه وغاياته العظيمة إلى إعداد وإخراج الأمة المسلمة السوية بدأً من الاسم وانتهاءً بالمسمى . فكان ذلك ( ولله الفضل والمنة ) ، تميزاً واضحاً لأمة الإسلام في هذا الشأن . وعلى الرغم من هذا كله ؛ فإن مما يُلاحظ في وقتنا الحاضر أن هناك تهاوناً كبيراً في هذه القضية التي هي على قدرٍ كبيرٍ من الحساسية ، فالمُتابع الجيد لواقع حياتنا المعاصر ، يجد أن كثيراً من الأسماء قد قُلبت معانيها ، وتبدلت دلالاتها؛ فالكذب والخداع والمراوغة أصبحت تُسمى دبلوماسية ، والرشوة تسمى هدية أو إكرامية ، والربا مجرد فوائد بنكية ، والخمور والمسكرات مشروبات روحية ، والسفر إلى الخارج للفساد وللبحث عن المتعة الرخيصة ليست سوى سياحة ، والحب الساقط والغرام وانتهاك الأعراض حريةٌ شخصية ، وتقليد الغرب في أنماط حياتهم وطرق معيشتهم موضة عصرية ، والتمسك بالقيم والأخلاق والموروثات الشرعية أصوليةٌ وتزمتٌ ورجعية ، والغناء يسمى ابتهالاً ، والنفاق مجاملةً ، والزنا خيانة زوجية ، والمجون والدياثة فناً ، والجريمة بطولة ، والسفور ونزع الحجاب مدنية وتقدمية … إلى آخر تلك القائمة الطويلة من المصطلحات المقلوبة في دلالاتها ومعانيها والتي نسمعها ونرددها كل يوم مراتٍ ومرات ، دون أن نقف معها وقفةً صادقةً نُحقق فيها في مدى صحة الاسم ومطابقته لواقع وحقيقة المُسمى . فيا أبناء الإسلام ، ويا شباب الإيمان ؛ إن لقضية اختلاف الأسماء والمسميات دوراً كبيراً في حياة الناس ، إذ إن انتشار هذه المسميات غير الصحيحة وغير المطابقة لواقع الحال ؛ ليس إلا دلالةٌ واضحة على أن هناك من يقف خلفها من الحاقدين والمفسدين والمخرِّبين والمُتلاعبين الذين يُخططون بطرقٍ مُباشرةٍ وغير مُباشرة لهدم كيان الأمة ، وسلب خصوصيتها ، والقضاء على تميزها ومصداقيتها ، وتمزيق وحدتها ، والعبث بأصالتها ، وضياع هويتها. وصدق الله القائل : { إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ } ( سورة النجم : من الآية 23 ) . وفقنا الله جميعاً لصادق القول وصالح العمل ، وبصّرنا بكيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، وكفانا ما يُريده لنا أعداء الملة والدين ، والحمد لله رب العالمين . |